[email protected] +(00) 123-345-11

معالم منهجية على طريق التفسير

معالم منهجية على طريق التفسير

ورأيت أنه من لوازم هذه المقدمات أن أتعرض لأبرز المعالم المنهجية التي كانت لي أدلة هادية على طريق البحث نحو محاولة تحقيق ذلك المقصد العام، ولا أدعي أن رؤيتي لتلك المعالم كما أعرضها تاليًا قد استوعبت كل الجوانب المنهجية لهذا التفسير، فضلًا عن علم تفسير القرآن بوجه عام، ولا هي تمثل بالضرورة خطوات منهجية محددة سلفًا سلكتها عند كل آية أو سورة كما يفعل مصممو برامج الحاسوب أو خطط الصناعة، وإنما قصدت بذكر المعالم التالية أن تكون تنبيهات على مواقفي المبدئية من أهم القضايا المنهجية ذات الصلة، وأن تكون وسيلة لبيان ما أطمح إلى تحقيقه -بفضل الله تعالى وحده إن شاء- من أثر علمي وتطبيقي لهذا التفسير في واقع ومستقبل أمتنا الإسلامية والإنسانية.

(١) ليس ثمة تفسير منفصل عن المفسر

مر أن التفسير علم متجدد وأن التأويل الحقيقي والكامل للقرآن الكريم -بمعنى فهم ما وراء ظاهر الكلام من معاني وبمعنى تحقق المعاني في الواقع- لا يتم إلا يوم القيامة يوم يأتي تأويله، وبالتالي فالدراسات التفسيرية هي فرض متجدد على أهل العلم في كل عصر حتى يستكشفوا ما في القرآن من هدايات لواقعهم. وكان من قدر الله تعالى وما اختاره لي -وقدره وما يختاره كله خير- أن أمر بخبرات علمية وعملية ثرّة على المستوى الشخصي والمجتمعي والمهني والمؤسسي والثقافي، ولا ريب أن تلك الخبرات هي الرصيد الحياتي الذي أفهم الواقع من خلاله وتبدو لي علاقات آيات القرآن الكريم بالواقع بناء عليه، ولا يصح هنا منهجيًا أن نتوهم الثنائية الوضعية في التناقض بين ”الموضوعية“ (يسمونها أوبْجِكْتِفيا باللاتينية) و”الشخصنة“ (سَبْجِكْتِفيا باللاتينية)، فيظن أحد أن هناك تفسيرًا مطلقًا انطلاقًا من منهجية ”موضوعية“ في مقابل تفسير نسبي انطلاقًا من نظرات ”مشخصنة“، لأن أي تفسير هو مشخصن وموضوعي معًا، مشخصن على حسب علم المفسر وتصوراته عن الواقع، وموضوعي على قدر التزام المفسر بالمنهجية العلمية، والتي أعني بها التعامل مع القرآن حسب منهج القرآن نفسه. ونظرًا لعدم انفصال التفسير عن المفسر فقد عدت إلى عشرات المفسرين، كلٍ مع اعتبار العالم الذي عاش فيه والخلفيات العلمية التي يصدر عنها، فالطبري مثلًا ابن القرن الثالث الهجري، وهو يجمع كل ما قيل في الآية ولو كان إسرائيليات، ويجتهد في الفقه من خلفية شافعية، وفي الكلام من خلفية أهل الحديث، والزمخشري ابن القرن الخامس معتزلي حنفي صاحب رسوخ في اللسان العربي، وهما غير القرطبي أو ابن كثير أو العياشي أو الرازي أو البقاعي أو رشيد رضا أو الشعراوي، وقس على ذلك.

(٢) منهج القرآن في التعامل مع القرآن يحكم على تفسير القرآن

أصح المعايير التي يمكن التحاكم إليها في صحة تفسير القرآن هي معايير القرآن نفسه، وأحب أن أشير إليها بالنُقلات التالية، والتي يأتي تفصيلها تأصيلًا وتطبيقًا في ثنايا الآيات في مواضعها:
أولاً: من التجزيئ -أو التعضية- إلى القراءة التكاملية من خلال استكشاف منظومة الكليات المقاصدية.
ثانيًا: من التقليد الأعمى دون جرأة على التفريق بين صواب وخطأ النقل إلى الاجتهاد في تحري الحق.
ثالثًا: من منهج تنظيري مجرد لا مردود له إلى ربط النظرات التفسيرية بتغيير الواقع العلمي والعملي.
رابعًا: من التبرير أو المضاهاة للواقع العلمي والعملي إلى التحاكم إلى المفاهيم أو الأسماء القرآنية.
خامسًا: من فهم السنة كمصدر موازي أو معارض للقرآن إلى فهمها كبيان وتفصيل وتطبيق للقرآن.
سادسًا: من منطق التناقض والتناسخ في فهم الآيات إلى منطق اتساقها جميعًا في مستوى المقاصد.
سابعًا: من التفكيك ما بعد الحداثي للحقائق إلى التفريق بين الأساطير البشرية والوحي الحق.

(٣) المنطق القرآني مقاصدي عربي تواصلي تكاملي متعدد الأبعاد والوسائل متجدد

يأتي في ثنايا التفسير بيان تفصيلي للمنطق -من الأصل (ن ط ق)- كما أفهمه من القرآن، والذي يعني دلالة العلامات بكل أبعادها على الحقائق بكل أبعادها، وليس كما تصوره الفلاسفة في قواعد جامدة توصل آليًا من مقدمات إلى نتائج، ولو اشتمل المنطق القرآني عليها دون وقوع في أوهام حتمياتها أو ثباتها، والعلامات في آيات القرآن الكريم هي أولًا أصوات اللسان العربي المبين، التي تقصد بتراتب معانيها إلى الدلالة على حقائق من المعاني المركبة المتسقة في المنظومة اللغوية العربية، والمنطق القرآني أيضًا تتولد أو تنشأ الحقائق فيه عن دراسة التواصل بين العلامات والحجج والمنظومات بمستوياتها، وهو منطق لا يقع في قصور الثنائيات -كل الثنائيات- عن الإحاطة بدرجات الرمادي بل درجات الألوان المنطقية بين الأطراف المتناقضة، لأنه مبني على تعددية الأبعاد ووجوه النظر إلى حقائق الآيات، والمنطق القرآني -من باب تعدد الأبعاد- متعدد الوسائل في إقامة الحجج على الحق، وهو متجدد مع تجدد العصور والقرّاء كما أشرنا آنفًا. وهذه الخلاصات المنهجية يأتي تفصيلها في ثنايا مواضعها من الآيات، وهي من النقلات التي نتغياها بهذا التفسير للدراسات التفسيرية والعلمية بوجه عام.

(٤) استنباط مقاصد الآيات والسور بغلبة الظن مشروع بل واجب

البحث المقاصدي في القرآن الكريم وبيانه من سنة الحبيب المصطفى ﷺ لا يجوز شرعًا ولا عقلًا الاستغناء عنه، بل هو من فروض الكفايات التي يجب على مجموع الأمة في كل عصر وبيئة أن تقوم به، ومغالطة الثنائية الموهومة بين ما هو ”ظني“ وما هو ”قطعي“ على طريقة الإغريق أو ما هو ”موضوعي“ وما هو ”مشخصن“ على طريقة ما بعد الحداثيين، لا ينبغي لها أن تكون عقبة في طريق الاعتراف بالحق الكامن أصالة في النظر المقاصدي الذي يتولد عن ترجيح مقصود ما في روع المجتهد بعد بحث وتنقيب وتوصيل، وهي العملية التي يتأهل لها من يسلك درب التفسير عن إعداد وجهد، مع الاعتراف بقصور الاجتهاد البشري أيًا كان وعدم سلامته من احتمال الخطأ، والقرآن الكريم نفسه هو دليلنا على هذا المذهب المنطقي في اعتبار المعاني التي يغلب على ظن المجتهد أنها مقصودة بالآيات والعلامات.

(٥) عناصر التصور تتولد عن المقاصد المنهجية

أوصلتني رحلتي البحثية المنهجية إلى سؤال: ما هي مكونات وأبعاد تلك ”الصورة المركبة“ للإنسان التي ينشؤها الوحي في وعي المتدبر له؟ ذلك لأن تصور الإنسان أساس لإعادة صياغة كل العلوم المعاصرة وعلى رأسها علم النفس والإنسان والاقتصاد والاجتماع والتاريخ والطب والأحياء والسياسة، ثم إن ”الصور المركبة“ أساس فهم كل المخلوقات بأبعادها الطبيعية والصناعية المادية والمعنوية، ووجدت أن مفتاح الإجابة على سؤال التصور هو مفتاح العلم كله، ألا وهو العلم بالله تعالى، أي إجابة: كيف يعلمنا الوحي عن الله سبحانه؟ وما هي المعاني التي تشكل معرفتنا به تعالى على المستوى المنهجي؟ هذا السؤال بدوره دلني على مستوى من مقاصد القرآن سميته بالمقاصد المنهجية، وهي: تحقيق المقاصد، وتصحيح المفاهيم، وتصنيف الفئات، ومراعاة السنن، والتأسي بالقيم، وإقامة الحجج، والعمل بالأوامر، وهذه المقاصد السبعة أنتجت ما سميته بعناصر التصور المركب أو السباعية التصورية، وهي: المقاصد، والمفاهيم، والفئات، والسنن، والقيم، والحجج، والأوامر. هذه السباعية -بعناصرها وتواصلاتها- تقع في قلب ما في هذا التفسير من تصورات -كل التصورات- ونشأ عن تجلياتها في كل سورة أو موضوع قرآني ما أفهمه كمقاصد مستنبطة لها، إلى أن تصب في مقصد عام جامع.

(٦) عرض الحديث والفقه بألوانهما على القرآن

تأتي في مواضعها من الآيات مناقشات لقضايا حديثية شتى، وسواء صح نقل حديث (ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله) أم لم يصح، فالمعنى صحيح وقاعدي وضروري من أجل الحفاظ على معالم الإسلام متسقة مع القرآن الكريم وليست على تناقض معها لا سمح الله، وغني عن القول -ولكن نقوله نظرًا لشيوع التهافت المنطقي والتسطيح العلمي في عصرنا- أن رد رواية لحديث أو لراويها ولو كان خطأ لا يعني رد سنة محمد ﷺ ولا اتهامه بنقيصة حاشاه، ولا يعني بالضرورة اتباع أهواء الشرق أو الغرب إن كان في رد الحديث ما يوافق بعض ما يثيره زنادقة العصر من شبهات، فالحق أحق أن يتبع ولا يجوز لمن يتبين له الحق إلا أن يتبعه مهما كان، مع التنبيه على أهمية الحذر -منهجيًا- من التبرير أو التمحل أو التحيل لثقافات الشرق أو الغرب في أي مسألة برد الحديث الذي يصح عن النبي ﷺ، ومع التنبيه أيضًا على أن هذا لا يعني أن كل ما يُدّعى صحته أو ضعفه من الأحاديث هو بالضرورة كذلك عند أهل التحقيق للأسانيد والمتون، أو أن ما نقلوه هو بالضرورة رواية كاملة للقصة تتسق مع المقصود من كلام النبي ﷺ الأصلي، فكم من روايات ناقصة إذا وُضعت في سياق القصة أو سياق ما يسمى بأحاديث الباب تبيّن مقصودها بدقة وانتفى عنها تناقضها الظاهري مع القرآن الكريم، والأصل الذي تعود إليه قضايا السنة -بعد دورانها حول القرآن الكريم- هو السنة العملية على صاحبها الصلاة والسلام،

راجع تفصيل هذه الرحلة في سلسلة محاضرات كاملة عنها: جاسر عودة، المنهجية المقاصدية: نحو إعادة صياغة معاصرة للاجتهاد الإسلامي، معهد المقاصد ودار المقاصد، القاهرة وإسطنبول، ٢٠٢٢م، وهي مرحلة لاحقة من رحلة منهجية سابقة بدأتها منذ ثلاثة عقود كان حصيلتها كتابي: جاسر عودة، مقاصد الشريعة كفلسفة للتشريع الإسلامي: رؤية منظومية، تعريب عبد اللطيف الخياط، فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ٢٠١٢م.

وهي السنن الثابتة بنقل الكافة عن الكافة عنه ﷺ دون مراء، والموضوع طويل ذو شجون وذيول تأتي أطراف كثيرة منه في ثنايا هذا التفسير. وعلى نفس القياس -بل هو من باب أولى- يأتي عرض الفقه على القرآن، وكما فرقنا أعلاه بين سنة النبي ﷺ الثابتة كأصل وما يُروى من حديث قد يتفق أو يتناقض معها، فهناك فارق لا ينكره عالم بين الشريعة الغراء كأصل وبين ما أنتجته عقول الفقهاء من فقه في أبوابه الموروثة والمعاصرة بما قد يتفق أو يتناقض معها، فالفقه منتج بشري يصيب ويخطئ بطبيعته، والفقيه الحق يدرك أن رأيه صواب ورأي غيره خطأ مع احتمال أن يكون رأيه خطأ ورأي غيره صواب، والفقيه الحق يدرك أيضًا أن الرأي الفقهي أيًا كان قائله قد يتغير مع تغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص والنيات والعوائد -كما قال ابن القيم رحمه الله-، ويدرك مع هذا أن ذلك لا يعني أن كل الفقه متغير أو أن كله ثابت، بل هناك دائرة لا تغير فيها من الثوابت وهي أصول الأحكام التي بُنيت على محكمات الكتاب، وهي العمدة الذي تدور حوله قضايا الفقه المتغيرة في كل مكان وزمان، وموضوع الفقه -كما كان موضوع الحديث- طويل ذو شجون وذيول، تأتي أطراف كثيرة منه في ثنايا هذا التفسير كذلك.

(٧)البناء على تقسيم جديد للعلوم المعاصرة يضع القرآن في أصولها جميعًا

كيف يمكن أن يغير تفسير للقرآن الواقع المعيش؟ الإجابة على هذا السؤال -بعد فضل الله المحض- تتمثل في التأثير في ثلاثة مجالات: البحث العلمي والتعليم والعمل المؤسسي، ولكن الأهداف المرجوة في هذه المجالات الثلاثة لا يمكن أن تتحقق في ظل المقاربات الحالية للدراسات الإسلامية، إذ أنها تعاني من قصور في الاتساق مع الأصول المعرفية والمنطقية والإدراكية التي قصدها القرآن منهجيًا، سواء في شمول التصور القرآني للإسلام والوجود والإنسان، أو في شمول مفهوم الفقه والاجتهاد لكل مجالات الحياة، فالدراسات الإسلامية اليوم يدرس فيها تاريخ علوم التفسير والحديث والفقه والكلام والتصوف والتاريخ والسياسة الشرعية وأنواع الأصول إلى آخرها، دون محاكمة القديم أو الجديد منها إلى معايير القرآن، والدراسات الإسلامية التي يمكن أن نطلق عليها ”فكر إسلامي“ ومنها ”الدراسات المقاصدية“ تتبنى تقسيمات للعلوم كما هي في النظام البحثي والتعليمي العلماني، ولا تنقد -بناء على القرآن- الأصول المعرفية التي تأسست عليها فتقع في تبرير الواقع والتناقض المعرفي والتفكيك ما بعد الحداثي. ولذلك فإنني أنطلق في هذا التفسير -كما يظهر في ثناياه- من تقسيمي الخاص للدراسات الإسلامية في محاولة لتجاوز الإشكالات المنهجية المذكورة، وهو التالي: الدراسات المنهجية التأصيلية، والدراسات التخصصية النقدية، ودراسات الظواهر المعاصرة، والدراسات التخطيطية المؤسسية. أما الدراسات المنهجية التأصيلية فهي دراسة علوم الوحي من فقه وتفسير وحديث وكلام ولغة، ليس كتاريخ من كتبوا وما كتبوا بل في ضوء الوحي نفسه، وذلك بهدف التأصيل للفروع التطبيقية: التخصصية النقدية، والظواهر المعاصرة، والتخطيطية المؤسسية، مع العلم بتداخل الدوائر الأربعة بطبيعة الحال وإمكانية أن يتصدى المجتهد في علوم الأصول لبعض قضايا الفروع التطبيقية أو العكس. وأما الدراسات التخصصية النقدية فأتعامل فيها مع العلوم والتخصصات المعاصرة، لا لرفضها تمامًا على الطريقة التقليدية ولا لـ ”أسلمتها“ ولا تفكيكها، بل لإعادة صياغتها على أصول الوحي كليًا أو جزئيًا، بما يعيد صياغة التخصصات التعليمية التي تعرّف التخصصات المهنية، والإبقاء على الصالح من عناصرها الذي ينطلق من التصور القرآني -المقاصد والمفاهيم والفئات والسنن والقيم والحجج والأوامر- وما يتولد عنها من مبادئ حاكمة على كل تخصص، وما يترتب عليها من منظومات ومنتجات ومؤسسات، وهدم وإعادة بناء ما يتناقض منها مع التصور القرآني المقاصدي الشامل، مع فتح باب الإبداع تعليمًا وبحثًا وممارسة سواء في علم التخصص بعد إعادة صياغته أو عن طريق تعدد التخصصات، والذي هو السبيل المنهجي لتجاوز أو تعدية التخصصات إلى دراسات الظواهر. وأما دراسات الظواهر، فهي السبيل الذي أقترحه من أجل إنشاء منظومات إسلامية تعليمية وبحثية أصيلة ومستقلة عن الهيمنة العَلمانية المعاصرة، على كل المستويات البحث والتعليم والفعل المؤسسي، مع الاستفادة من الدراسات المنهجية التأصيلية والدراسات التخصصية النقدية والدراسات التخطيطية لدعم دراسات الظواهر، والاستفادة من كل جهد سابق في دراسات الظواهر بما لا يتعارض مع المنهجية الإسلامية، بل إن تشجيع دراسات الظواهر يمكن أن يسهم في تحرير الإنسان المعاصر من هيمنة المصالح الاقتصادية على التخصصات العلمية وما أنتجه ذلك من مظالم ومفاسد جمة في المنظومات المهيمنة بحثيًا وتعليميًا ومؤسسيًا، وتطبيق هذه الفكرة في التعليم تتمثل في أن يدرس طالب الدراسات الإسلامية -حسب المرحلة التعليمية- أطرافًا من شبكة واسعة من الظواهر تمثل حقلاً معرفيًا متكاملًا في ضوء تفسير شامل للقرآن الكريم، وتتكامل دراساته وأعماله المهنية لاحقًا مع شبكة من المتخصصين في نفس الظواهر المدروسة والظواهر ذات صلة، والمتصلين بشبكات تفعيلية مؤسسية. ولا يخفى ما يتطلبه هذا الطموح من بحث وتخطيط وتنفيذ وإدارة وإرادة سياسية كافية من حكومات تدعم هذه المقاربة الجديدة، مع تجرد لدعمه من أصحاب الأعمال من أهل الوعي بأهمية العلم لبناء الأمة، فإذا اقتنع هؤلاء وأولئك ولم يمانعوا أو يعوقوا كسر احتكار سوق العمل للتعليم، فأقترح أن يوجه الطلبة -بناء على هذا التفسير وأمثاله من الأعمال المنهجية التأسيسية- إلى دراسات مثل: الفقر والعدالة والأرض والبيئة والأوبئة والكوارث والحكم والصناعات والاستثمار والثقافة والعنصرية وطبقة الواحد بالمائة والابتكار والدراسات المناطقية واللغوية المعاصرة، وقس على ذلك من الظواهر المعيشة التي تحدد أولوياتها منظومات المقاصد القرآنية التي تتعلق بالإنسانية وعلى رأسها: عبادة الله، وإحياء النفوس، وتكريم الإنسان، وإقامة القسط، وإصلاح الأرض، ومقاصد القرآن للأمة المسلمة، وعلى رأسها الشهادة على الناس، ووحدة الأمة، والجهاد لنصرة المستضعفين، والأمر بالمعروف، إلى آخرها. وأما الدراسات التي نسميها تخطيطية (أو استراتيجية) مؤسسية، فهي تخطط للأمة كلها دون تناقض بين مصالحها العامة وبين أي من الاعتبارات العرقية أو الوطنية أو المهنية أو غيرها، ولابد في ذلك التخطيط من تحقيق التناغم الرأسي بين الأفكار والأطروحات المنهجية فيها، والأفقي بين شبكة المؤسسات المختلفة التي مهمتها أن تتعاون على تحقيق المقاصد المنشودة بشكل منظومي، وأرجو من المجتهد التخطيطي الذي يقرأ هذا التفسير أن يتدرب على التعامل مع التعقيد في تصور الواقع حسب المقاصد، والمفاهيم، والفئات، والسنن، والقيم، والحجج، والأوامر القرآنية، وأن يولي عناية خاصة -كما أوليت- بدراسة التاريخ بكل أبعاده، خاصة تاريخ الظاهرة أو المجتمع أو المؤسسة الذي يخطط لها. وهناك معالم أخرى كثيرة كانت أدلة على الحق وهادية للرشد خلال هذه الرحلة التفسيرية، ولعل المقام يتسع في ما بعد هذه الطبعة من طبعات لكي أبسط الحديث عنها بعض الشيء، أسرد من عناوينها: تجاوز هذا التفسير للتعريف العَلماني السائد للاجتهاد والمجتهدين إلى تعريف شامل لكل دارسي الأصول والتخصصات والظواهر والخطط كما أشرنا آنفًا، وأهمية الرجوع بالتاريخ الإسلامي إلى تعريفه القرآني الأصلي الذي يشمل التاريخ الإنساني كله اتساقًا مع ما يعلمنا القرآن عن التاريخ، والبناء على اللسان العربي كأصل للكلام الإنساني كله في كل لغاته بما فيها ”العربية المبيّنة“ التي نطق بها إسماعيل بن إبراهيم عليه وعلى أبيه الصلاة والسلام، وعدم الإقرار لمن قال إن في القرآن آيات منسوخة أي لاغية الرسم أو العمل، بل في القرآن ما نسخ ما سواه من الشرائع أو الأعراف أو تناول تطبيقات تدريجية لأحكام ثابتة ليس إلا، والتعامل مع الوجوه والأحرف والخطوط القرآنية على أنها من اقتصاد القرآن في كلماته ومن طبيعة اللغة العربية في تعدد محامل الكلام، ومنها المستويات الثلاثة التي لزمناها منهجيًا للتفسير الذي نسميه ”علمي“ لآيات القرآن الكريم، وهي مستوى التأويل البسيط الذي يفهمه الإنسان البسيط قديمًا أو حديثًا بمجرد العودة إلى المدلول اللغوي المباشر للكلام، ومستوى التأويل ”العلمي“ الذي يفهمه الإنسان المعاصر بناء على النظريات العلمية الحالية، ثم مستوى يتجاوز تلك النظريات إلى استشراف الآفاق العلمية المستقبلية في ضوء العلم القرآني، مع البناء على النقد الحالي للنظريات العلمية المعاصرة في ضوء المفاهيم القرآنية. ومن المعالم المنهجية -التي تعلمتها من القرآن- خطأ التمحور حول الإنسان في فهم آيات القرآن أو الكون، لأن غايات خلق الكون -قبل وبعد وفيما وراء ما سوف يدركه الإنسان أبدًا- أبعد من حياة بني آدم على الأرض، مما نتجاوز به خطأ منهجيًا يؤدي إلي كثير من الفساد في التعامل مع الكون، كما نناقش في مواضعه من الآيات، ومنها خطأ التمحور حول المسلمين فحسب في فهم الخطاب القرآني للناس، بل إنه من الأسس المنهجية الرئيسة في فهم القرآن أن نعلم أن الرسالة المحمدية على صاحبها الصلاة والسلام هي أساس قيام الحضارة الإنسانية برمتها، وسبيل إحيائها إلى قيام الساعة. وفي ضوء هذه المعالم المنهجية المذكورة كلها -وغيرها مما لا يتسع المقام لذكره- بنيت ما كتبته في هذا التفسير، لا أراعي إلا الاتساق مع منهجي وذكر ما أراه ضروريًا لاستحضاره عند تلاوة آيات القرآن العظيم في عصرنا، فإن أصبت في ما ذهبت إليه من استنباط للمقاصد والمعاني فهي نعمة أسأل الله تعالى أن يتمها بقبول هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وأسأل الله تعالى أن يعفو ويرحم ويغفر ويتوب ويجبر، إنه أجود من سئل وأكرم من أعطى وأقدر من عفا.

إرشادات دراسية وبحثية

وبدا لي في ختام هذه المقدمات أن أقدم إرشادات أو معلومات مبدئية لمن أراد أن يقرأ من هذا التفسير على الترتيب أو يعود إليه انتقائيًا حسب الأغراض الدراسية والبحثية المتنوعة، وهي كالتالي:

(١) ترتيب القراءة حسب أغراض القارئ

مشيت في هذا التفسير على ترتيب المصحف بسوره وآياته، مقسّمًا إياه طباعيًا إلى أجزاء لا تتجاوز ألف صفحة في كل جزء، و مقسّمًا مباحثه على تقسيم السور سورة سورة وما تحتها من آيات آية آية، والتزمت أن يتراوح التعليق على الآية الواحدة من ثلث الصفحة على الأقل إلى اثنتي عشرة صفحة على الأكثر. وقد يلاحظ المتصفح للتفسير أنني فصّلت في الشرح عند بدايات المصحف -خلال السبع الطوال- أكثر من تفصيلي في السور التي تلتها، وذلك نظرًا لحاجتي إلى تقديم الآراء المنهجية وتفصيل المواقف الأصولية التي وددت أن أؤسس عليها بقية التفسير في القضايا اللغوية والفقهية والحديثية والكلامية والسياسية والاقتصادية والتاريخية وسائر الأبعاد، وإنه نظرًا لغلبة القراءات الانتقائية لسورة أو سور أو آية أو آيات معينة على دارسي التفسير في عمومهم -إلا ما ندر من الأبحاث المتخصصة التي تمشي على الترتيب- فإنني أكثرت من الإحالات والإشارات عند مواضع الإجمال إلى ما سبق أو يأتي من مواضع التفصيل، وذلك حتى يتسنى للقارئ الكريم أن يعود إلى أصل الآراء والمواقف والتقسيمات والمراجع التي يصادف الإشارة إلى ذكرها عرَضًا في مواضعها فيجد تفصيلها هنالك. وللقارئ الكريم أن يرتب قراءة هذا التفسير حسب أغراضه من الدراسة، فإن كان الغرض معرفة محتوى التعليق على آية من الآيات أو كلمة من الكلمات، فالأسهل أن يعود إلى روابط الآية الإلكترونية -أو رقم الصفحة في المطبوع- في ثبَت المحتويات، ثم يتصفح التعليق على الآية على ترتيب جملها وكلماتها، مع استعمال الهوامش للتراوح بينها وبين الآيات والتعليقات ذات العلاقة. وأما إن كان الغرض متعلقًا بدراسة سورة من السور، فيحسن بالقارئ أن يبدأ بقراءة مقدمة السورة التي سميتها ”الخيوط الناظمة لمقاصد السورة“، ففيها خلاصات الدراسة لمقاصد السورة وعلاقاتها بمقاصد ما قبلها وما بعدها من السور وما تختص به عن سائر السور، إلى آخر محتويات مقدمات السور كما أذكرها تاليًا. وأما إن كان الغرض متعلقًا بدراسة موضوع من الموضوعات فالأولى هو البحث الإلكتروني، إما مباشرة عن طريق الكلمات المفتاحية أو عن طريق البحث باستخدام الذكاء الصناعي حيث تجيب الآلة عن الأسئلة البحثية التقليدية، ولذلك فقد تركت الملف الإلكتروني مفتوحًا للتحرير لأغراض الدراسات المذكورة.

(٢) مقدمات السور

كتبت مقدمة لكل سورة بعنوان ”الخيوط الناظمة لمقاصد السورة“، ولكنني تجاوزت فيها الأغراض التقليدية من ذكر أسماء السورة كما وردت عند القراء، وما اصطلح على تسميته بـ”أسباب النزول“، وما ورد عنها من أحاديث تبين فضائلها، وتركت هذه التفاصيل لمناقشتها في مواضعها من الآيات -بما فيها الآية التي يُذكر فيها اسم السورة داخل السورة-، واقتصرت في المقدمة على ما يتعلق بمقاصد السورة من تحقيق المقاصد، وتصحيح المفاهيم، وتصنيف الفئات، ومراعاة السنن، والتأسي بالقيم، وإقامة الحجج، والعمل بالأوامر، وما يتولد عنها من عناصر التصور المركب لها أو السباعية التصورية، وهي: المقاصد، والمفاهيم، والفئات، والسنن، والقيم، والحجج، والأوامر، إما سردًا لهم إذا كثر عددهم بما لا يسمح بالمناقشة الموضوعية التفصيلية -كما في أطول السور كالبقرة وآل عمران والنساء-، وإما عرضًا لخلاصات المقاصد والمفاهيم الفرعية التي تولد من نظمها المقصد العام -كما استنبطته على أي حال-. ويجد القارئ في مقدمة السورة حديثًا عن علاقة مقصدها العام بما قبلها وما بعدها، فمثلًا، قسمت السبع الطوال إلى أربعة أزواج: البقرة وآل عمران، والنساء والمائدة، والأنعام والأعراف، وأخيرًا الأنفال والتوبة -معتبرًا إياهما سورة واحدة طويلة خُتمت بها السبع الطوال-، ووجدت أن كل زوجين من سورتين متتابعتين هما صِنْوان لشجرة واحدة لها أصل مقاصدي واحد يتفرع عنه الصنوان ليكوّن كلٌ منهما شجرةً متشعبة الفروع -وهي الفقرات في كل سورة- وارفة الأوراق -وهي الآيات التي تحيط بها أسوار السورة-، فكانت الحصيلة أربعة أزواج من السور. ثم استنبطت المقصد العام لسورة البقرة على أنه كالتالي: ”التأسيس لقيام أمة إسلامية تستلم راية القيادة للبشرية على طريقة الأنبياء“، ثم لآل عمران على أنه: ”شهادة الأمة المؤمنة على غيرها من الأمم بالحجج ثم بدفع الظلم والاعتداء بالقتال“، وقلت في مقدمتَي السورتين إن هذين المقصدين يشتركان في مقصد بناء الأمة الإسلامية في مرحلة البعثة المحمدية ﷺ وإلى قيام الساعة، وتمكين هذه الأمة اليوم من تحقيق مقاصدها خاصة الوسطية بين كل الأمم الأخرى والشهادة عليهم بالحق، وهكذا استنبطت المقصد العام لسورة النساء متكاملًا مع المقصد العام لسورة المائدة، والمقصد العام لسورة الأنعام متكاملًا مع المقصد العام لسورة الأعراف، والمقصد العام لسورة الأنفال متكاملًا مع المقصد العام لسورة التوبة، وهكذا دواليك. ثم كما تتواصل الأشجار المتجاورة عن طريق أصولها -أي جذورها- وجدت أن السور السبع الطوال تتواصل معانيها ومقاصدها من أجل تحقيق مقصد عام استنبطته كالتالي: ”التأسيس لوجود واستمرار وخيرية الأمة الإسلامية تأسيسًا عقديًا وفكريًا وتاريخيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا ونفسيًا وصحيًا وتشريعيًا“، وهكذا.

(٣) تنبيهات تحريرية ولغوية واصطلاحية

لم أشكّل الآيات ولم أنقل علامات الوصل والوقف وغيرها، لأن ذلك من ناحية يسهّل البحث إلكترونيًا خاصة داخل نصوص التعليقات والهوامش، ومن ناحية أخرى حتى يستوعب خطها القراءات المختلفة -علمًا بأن القراءات المشهورة وغيرها كلها داخلة في اعتباري لنص الآية كما يلاحظ القارئ لهذا التفسير-، وإن كان هناك خلاف في الحروف بين القراءات فالأصل فيما نقلته على أي حال هو حروف القراءة برواية حفص عن عاصم، علمًا بأن ترقيم الآيات في هذا التفسير هو على العدّ المدني -مع الإشارة لغيره إن لزم الأمر-، وأما حديث النبي ﷺ فغالبًا ما أنقله مشكّلًا حسب الموسوعات الحديثية التي نقلت منها، فإن ذكرت مصدر الحديث مع الترقيم فحسب فهو من الموقع الإلكتروني: الموسوعة الحديثية بالدرر السنية، والتشكيل والترقيم وتفاصيل المراجع هي حسب إيرادهم لها، ولكنني لم أعتمد بالضرورة على ما نقلوه من حكم على الأحاديث وناقشت بعضها كما يجد القارئ في مواضعه. وقد حرصت في ما كتبت على الالتزام باللغة العربية فحسب، وأن أتجنب غير العربي من المصطلحات الأعجمية حتى ولو شاعت في لغات بعض العرب أو عربتها بعض مجامع اللغة العربية هذه الأيام! واكتفيت بدلًا من ذلك -إن رأيت ضرورة- أن أضع الكلمة الأعجمية بين قوسين منطوقة بالحروف العربية، وقد

وموقعهم الإلكتروني بعنوان: الباحث الحديثي – بحث فوري في الموسوعة الحديثية بالدرر السنية – sunnah.one

اقتصرت في إيراد الكلمات الأعجمية -إن لزم الأمر لأغراض المصطلح- على اللغة اللاتينية، إذ أنها أقرب أمهات اللغات التي أستطيع التعامل معها إلى أصول اللغات الأوروبية والشرقية، وقصدت بذلك تجنب التحيز الشائع إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية في عصرنا، ولكنني على أي حال أضع المصطلح بلغته الأوروبية أو الشرقية تحديدًا -مرسومًا بالحروف العربية- إن دعا السياق لذلك، غير أنني أكتب المراجع في الهوامش بحروف لغاتها الأصلية أيا كانت حتى يسهل البحث عنها لمن يقرأ بها. كما أنني أذكر أحيانًا حسب الحاجة كلمات بالحروف العربية بين الأقواس من اللغات القديمة كالعبرانية والآرامية واليونانية -ولهن علاقة خاصة بنصوص كتب أهل الكتاب- أو المصرية القديمة أو النوبية، إلى آخرها حسب السياق، راجعًا في هذا كله إلى القواميس أو الكتب التي أذكرها في الهوامش. وقد حرصت على أن أتجنب الخرائط والرسوم التوضيحية ما استطعت، وذلك لحفظ مستوى التناول المنهجي في التفسير دون إطناب بالملخصات والأشكال والجداول التعليمية، ولتسهيل أغراض الطباعة والنقل من النص، إلا أن أرى أنه لا يمكن أن يتضح المعنى المركب المراد إلا بأن أرسم خريطة أو شكلًا توضيحيًا فأقوم بذلك. وحرصت أيضًا على التأريخ بالتقويمين الهجري ثم الميلادي.

(٤) الهوامش والإحالات والمصادر

أعتبر الهوامش التي أضفتها جزءًا من التفسير، وضعت فيها ما أراه استطرادًا يخرج عن موضوع تفسير الآية ولكنني أرى له قيمة منهجية في المشروع المقاصدي العام، كمناقشة حديثية أو تاريخية تفصيلية، أو نقل حديث بطوله أو قول مأثور من شعر أو نثر أشرت إليه أعلاه، أو تعليق على قضية تتعلق بخط مصحف معين أو طبعة معينة لكتاب، أو سرد أحداث جارية أو إحصاءات رقمية أنقلها من مصادر أخبارها كأمثلة، بالإضافة إلى مراجع النقول ومصادر الحديث، والإحالات على تفاسير نفس الآية في كتب التفسير، أو الإحالات على ما كتبته عند الآيات ذات العلاقة في هذا التفسير. وأما النقول من الكتب المختلفة فأورد مراجعها في الهوامش في صيغ مختصرة، علمًا بأن كثيرًا من الكتب التراثية والمعاصرة لها طبعات متعددة حتى في الموقع الإلكتروني الواحد، فاجتهدت إذن أن أضع المرجع الذي عدت إليه كاملًا في أول مرة أذكره في الهوامش، وإلا فليفترض القارئ الكريم الذي يريد أن يعود إلى المراجع أن الطبعة المذكورة هي المشهورة المتداولة أو أن يبحث عن النص نفسه إلكترونيًا في إحدى موسوعات الكتب، بغض النظر عن ترقيم الصفحات الذي يختلف بين الطبعات. كما اقتصرت في صفحات الشبكة الإلكترونية على العنوان الرئيس للموقع ولم أورد تاريخ زيارته -والشبكة كلها أصبحت ”مأرشفة“ لمن أراد البحث على أي حال- حفظًا لمساحة الهامش من التفاصيل الرقمية، وكذلك اختصرت صيغة ذكر المجلات والدوريات والمراجع العربية والأجنبية قدر الإمكان، وحذفت أيضًا سنين وفاة الأعلام إلا إذا قصدت الإشارة إليها في سياق الحديث عن تاريخهم.

(٥) الدراسات الاستكمالية والنقدية

وأخيرًا، فإنه يسعدني للغاية أن يستكمل من أراد البناء على ما كتبت كما يشاء، على شرط أن يلتزم منهجي كما يفهمه ما استطاع ويبين ما يختلف معي فيه، ويسعدني أكثر أن يتناول من أراد ما كتبت بالنقد، على شرط أن يلتمس لي العذر إن أخطأت ويلتزم قواعد الخلاف أن لا يتحول إلى بغي بيننا والعياذ بالله، وأعد -إن كنت على قيد الحياة- أن أتعلم من الجميع متفقين ومختلفين، وإلا فإنني أدعو لنا جميعًا بالإخلاص والتوفيق والقبول. هذا، والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير، وآله، ورضي الله عن المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
أخوكم / جاسر عودة

حقوق الطبع والنشر 2024, كل الحقوق محفوظة